أن نتأول كلامه فنقول: إنه ليس يعنى بالخذلان عدم المساعدة في الحرب، بل يعنى بالخذلان هاهنا كل ما أثر في محق الباطل وإزالته، قال الشاعر يصف فرسا:
وهو كالدلو بكف المستقى خذلت عنه العراقي فانجذم أي باينته العراقي، فلما كان كل مؤثر في إزالة شئ مباينا له نقل اللفظ بالاشتراك في الامر العام إليه، ولما كان سعد وعبد الله لم يقوما خطيبين في الناس يعلمانهم باطل معاوية وأصحاب الجمل، ولم يكشفا اللبس والشبهة الداخلة على الناس في حرب هذين الفريقين، ولم يوضحا وجوب طاعة علي عليه السلام فيرد الناس عن اتباع صاحب الجمل وأهل الشام صدق عليهما أنهما لم يخذلا الباطل. ويمكن أن يتأول على وجه آخر، وذلك أنه قد جاء خذلت الوحشية إذا قامت على ولدها، فيكون معنى قوله: (ولم يخذلا الباطل)، أي لم يقيما عليه وينصراه، فترجع هذه اللفظة إلى اللفظة الأولى، وهي قوله: (أولئك قوم خذلوا الحق ولم ينصروا الباطل).
والحارث بن حوط بالحاء المهملة، ويقال: أن الموجود في خط الرضى (ابن خوط) بالخاء المعجمة المضمومة.