(193) الأصل:
إن هذه القلوب تمل كما تمل الأبدان، فابتغوا لها طرائف الحكمة.
الشرح:
هذا قد تكرر، وتكرر منا ذكر ما قيل في إجمام النفس، والتنفيس عنها من كرب الجد بروح الإحماض (1) وفسرنا معنى قوله عليه السلام: (فابتغوا لها طرائف الحكمة) وقلنا المراد الا يجعل الانسان وقته كله مصروفا إلى الأنظار العقلية في البراهين الكلامية والحكمية، بل ينقلها من ذلك أحيانا إلى النظر في الحكمة الخلقية فإنها حكمة لا تحتاج إلى إتعاب النفس والخاطر.
فأما القول في الدعابة فقد ذكرناه أيضا فيما تقدم، وأوضحنا أن كثيرا من أعيان الحكماء والعلماء كانوا ذوي دعابة مقتصدة لا مسرفة، فإن الاسراف فيها يخرج صاحبه إلى الخلاعة، ولقد أحسن من قال:
أفد طبعك المكدود بالجد راحه * تجم وعلله بشئ من المزح (2) ولكن إذا أعطيته ذاك فليكن * بمقدار ما يعطى الطعام من الملح (3)