(189) الأصل:
إن للقلوب شهوة وإقبالا، وإدبارا، فأتوها من قبل شهوتها واقبالها، فإن القلب إذا أكره عمى.
الشرح:
قد تقدم القول في هذا المعنى.
والعلة في كون القلب يعمى إذا أكره على ما لا يحبه، أن القلب عضو من الأعضاء، يتعب ويستريح كما تتعب الجثة عند استعمالها وأحمالها، وتستريح عند ترك العمل، كما يتعب اللسان عند الكلام الطويل، ويستريح عند الامساك، وإذا تواصل (1) إكراه القلب على أمر لا يحبه ولا يؤثره تعب، لان فعل غير المحبوب متعب، ألا ترى أن جماع غير المحبوب يحدث من الضعف أضعاف ما يحدثه جماع المحبوب، والركوب إلى مكان غير محبوب متعب ولا يشتهى يتعب البدن اضعاف ما يتعبه الركوب إلى تلك المسافة إذا كان المكان محبوبا، وإذا أتعب القلب وأعيا، عجز عن إدراك ما نكلفه إدراكه، لان فعله هو الادراك، وكل عضو يتعب فإنه يعجز (2) عن فعله الخاص به، فإذا عجز القلب عن فعله الخاص به وهو العلم والإدراك، فذاك هو عماه.