(١٩٤) الأصل:
وقال عليه السلام لما سمع قول الخوارج لا حكم إلا لله، كلمة حق يراد بها باطل.
معنى قوله سبحانه: ﴿إن الحكم إلا لله﴾ (1)، أي إذا أراد شيئا من أفعال نفسه فلا بد من وقوعه، بخلاف غيره من القادرين بالقدرة فإنه لا يجب حصول مرادهم إذا أرادوه، الا ترى ما قبل هذه الكلمة: (يا بنى لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغنى عنكم من الله من شئ إن الحكم الا لله) خاف عليهم من الإصابة بالعين إذا دخلوا من باب واحد، فأمرهم أن يدخلوا من أبواب متفرقة، ثم قال لهم: (وما أغنى عنكم من الله من شئ)، أي إذا أراد الله بكم سوءا لم يدفع عنكم ذلك السوء ما أشرت به عليكم من التفرق، ثم قال: (إن الحكم إلا لله) أي ليس حي من الاحياء ينفذ حكمه لا محالة ومراده لما هو من أفعاله إلا الحي القديم وحده، فهذا هو معنى هذه الكلمة، وضلت الخوارج عندها فأنكروا على أمير المؤمنين عليه السلام موافقته على التحكيم، وقالوا كيف يحكم وقد قال الله سبحانه: (إن الحكم إلا لله)، فغلطوا لموضع اللفظ المشترك، وليس هذا الحكم هو ذلك الحكم، فإذن هي كلمة حق يراد بها باطل، لأنها حق على المفهوم الأول، ويريد بها الخوارج نفى كل ما يسمى حكما إذا صدر عن غير الله تعالى، وذلك باطل، لان الله تعالى قد أمضى حكم المخلوقين في كثير من الشرائع.