(203) الأصل:
إن لم تكن حليما فتحلم، فإنه قل من تشبه بقوم إلا أوشك أن يكون منهم.
الشرح:
التحلم تكلف الحلم، والذي قاله عليه السلام صحيح في مناهج الحكمة، وذلك لان من تشبه بقوم وتكلف التخلق بأخلاقهم، والتأدب بآدابهم، واستمر على ذلك ومرن عليه الزمان الطويل، اكتسب رياضه قوية، وملكة تامة، وصار ذلك التكلف كالطبع له، وانتقل عن الخلق الأول، ألا ترى أن الأعرابي الجلف الجافي إذا دخل المدن والقرى وخالط أهلها وطال مكثه فيهم انتقل عن خلق الاعراب الذي نشأ عليه، وتلطف طبعه، وصار شبيها بساكني المدن، وكالأجنبي عن ساكني الوبر، وهذا قد وجدناه في حيوانات أخرى غير البشر كالبازي والصقر والفهد التي تراض حتى تذل وتأنس وتترك طبعها القديم، بل قد شاهدناه في الأسد، وهو أبعد الحيوان من الانس.
وذكر ابن الصابي إن عضد الدولة بن بويه كانت له أسود يصطاد بها كالفهود فتمسكه عليه حتى يدركه فيذكيه، وهذا من العجائب الطريفة.