شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٩ - الصفحة ١٣
(191) الأصل:
وقال عليه السلام وقد مر بقذر على مزبلة: هذا ما بخل به الباخلون.
وفى خبر آخر إنه قال: هذا ما كنتم تتنافسون فيه بالأمس!
الشرح:
قد سبق القول في مثل هذا، وأن الحسن البصري مر على مزبلة، فقال: انظروا إلى بطهم ودجاجهم وحلوائهم وعسلهم وسمنهم، والحسن إنما أخذه من كلام أمير المؤمنين عليه السلام، وقال ابن وكيع في قول المتنبي:
لو أفكر العاشق في منتهى * حسن الذي يسبيه لم يسبه (1) إنه أراد: لو أفكر في حاله وهو في القبر، وقد تغيرت محاسنه، وسالت عيناه، قال وهذا مثل قولهم: لو أفكر الانسان فيما يؤول إليه الطعام لعافته نفسه.
وقد ضرب العلماء مثلا للدنيا ومخالفه آخرها أولها، ومضادة مباديها عواقبها، فقالوا إن شهوات الدنيا في القلب لذيذة كشهوات الأطعمة في المعدة، وسيجد الانسان عند الموت لشهوات الدنيا في قلبه من الكراهة والنتن والقبح ما يجده للأطعمة اللذيذة إذا طبختها المعدة وبلغت غاية نضجها، وكما أن الطعام كلما كان ألذ طعما وأظهر حلاوة، كان رجيعه أقذر وأشد نتنا، فكذلك كل شهوة في القلب أشهى وألذ وأقوى،

(1) ديوانه 1: 212.
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تابع ما ورد من حكمه عليه السلام ومختار أجوبة مسائله، وكلامه 7
2 فصل في الحياء وما قيل فيه 45
3 مثل من شجاعة علي عليه السلام 60
4 قصة غزوة الخندق 62
5 ما جرى بين يحيى بن عبد الله وعبد الله بن مصعب عند الرشيد 91
6 من كلامه عليه السلام لكميل بن زياد النخعي وشرح ذلك 99
7 نبذ من غريب كلام الإمام علي وشرحه لابن عبيد 116
8 نبذ من غريب كلام الإمام علي وشرحه لابن قتيبة 124
9 خطبة منسوبة للإمام علي خالية من حرف الألف 140
10 من كلامه عليه السلام في وصف صديق وشرح ذلك 183
11 نبذ من الأقوال الحكيمة في حمد القناعة وقلة الأكل 184
12 نبذ من الأقوال الحكيمة في الفقر والغنى 227
13 نبذ من الأقوال الحكيمة في الوعد والمطل 248
14 نبذ من الأقوال الحكيمة في وصف حال الدنيا وصروفها 287
15 أقوال مأثورة في الجود والبخل 316
16 نبذ مما قيل في حال الدنيا وهوانها واغترار الناس بها 326
17 مما ورد في الطيب من الآثار 341
18 نبذ مما قيل في التيه والفخر 352
19 طرائف حول الأسماء والكنى 365
20 أقوال في العين والسحر والعدوي والطيرة والفأل 372
21 نكت في مذاهب العرب وتخيلاتها 383