شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٨ - الصفحة ٣٩٢
ركابه الغرق من مكان مخوف من البحر، فبشرهم بتجاوزه قبل أن يتجاوزه لئلا يضطربوا فيتعجل غرقهم.
وقد يحمد رياء الرئيس إذا قصد أن يقتدى به في فعل الخير والمعجب لاحظ له في سبب من أسباب المحمدة بحال.
وأيضا فلأنك إذا وعظت الكاذب والمرائي فنفسهما تصدقك وتثلبهما لمعرفتهما بنفسهما، والمعجب فلجهله بنفسه يظنك في وعظه لاغيا، فلا ينتفع بمقالك، وإلى هذا المعنى أشار سبحانه بقوله: ﴿أ فمن زين له سوء عمله فرآه حسنا﴾ (1)، ثم قال سبحانه:
(فلا تذهب نفسك عليهم حسرات) (2)، تنبيها على أنهم لا يعقلون لإعجابهم.
وقال (عليه السلام): ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه.
وفى المثل: إن إبليس قال: إذا ظفرت من ابن آدم بثلاث لم أطالبه بغيرها: إذا أعجب بنفسه، واستكثر عمله، ونسي ذنوبه.
وقالت الحكماء: كما أن المعجب بفرسه لا يروم أن يستبدل به، غيره، كذلك المعجب بنفسه لا يريد بحاله بدلا، وإن كانت رديئة.
وأصل الاعجاب من حب الانسان لنفسه، وقد قال (عليه السلام): " حبك الشئ يعمى ويصم "، ومن عمى وصم تعذر عليه رؤية عيوبه وسماعها، فلذلك وجب على الانسان أن يجعل على نفسه عيونا تعرفه عيوبه، نحو ما قال عمر: أحب الناس إلى امرؤ أهدى إلى عيوبي.
ويجب على الانسان إذا رأى من غيره سيئة أن يرجع إلى نفسه، فإن رأى ذلك

(٣٩٢)
مفاتيح البحث: سورة فاطر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر بقية الخبر عن فتح مكة 7
2 65 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 22
3 66 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى عبد الله بن العباس 28
4 67 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى قثم بن العباس وهو عامله على مكة 30
5 68 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى سلمان الفارسي قبل أيام خلافته 34
6 سلمان الفارسي وخبر إسلامه 34
7 69 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى الحارث الهمداني 41
8 الحارث الأعور ونسبه 42
9 نبذ من الأقوال الحكيمة 43
10 70 - من كتاب له عليه السلام إلى سهل بن حنيف وهو عامله على المدينة 52
11 71 - من كتاب له عليه السلام إلى المنذر بن الجارود 54
12 ذكر المنذر وأبيه الجارود 55
13 72 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس 60
14 73 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 62
15 74 - من حلف له عليه السلام كتبه بين ربيعة واليمن 66
16 75 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية من المدينة في أول ما بويع له بالخلاف 68
17 76 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس عند استخلافه إياه على البصرة 70
18 77 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس أيضا لما بعثه للاحتجاج على الخوارج 71
19 78 - من كتاب له عليه السلام أجاب به أبا موسى الأشعري عن كتاب كتبه إليه 74
20 79 - من كتاب له عليه السلام لما استخلف إلى أمراء الأجناد حكمه عليه السلام ومواعظه، ويدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله وكلامه 77
21 القصير في سائر أغراضه 82
22 نبذ مما قيل في الشيب والخضاب 123
23 نبذ مما قيل في المروءة 128
24 نبذ وحكايات مما وقع بين يدي الملوك 143
25 في مجلس قتيبة بن مسلم الباهلي 152
26 أقوال وحكايات حول الحمقى والمغفلين 159
27 خباب بن الأرت 171
28 محمد بن جعفر والمنصور 206
29 محنة ابن المقنع 269
30 فصل في نسب بني مخزوم وطرف من أخبارهم 285
31 نوادر المكثرين من الأكل 397
32 سعة الصدر وما ورد في ذلك من حكايات 407