(١٦٧) الأصل:
لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
* * * الشرح:
هذه الكلمة قد رويت مرفوعة، وقد جاء في كلام أبى بكر: أطيعوني ما أطعت الله، فإذا عصيته فلا طاعة لي عليكم.
وقال معاوية لشداد بن أوس قم فاذكر عليا فانتقصه (١)، فقام شداد فقال: الحمد لله الذي افترض طاعته على عباده، وجعل رضاه عند أهل التقوى آثر من رضا غيره، على ذلك مضى أولهم، وعليه مضى آخرهم. أيها الناس، إن الآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قاهر وإن الدنيا أكل حاضر، يأكل منها البر والفاجر، وإن السامع المطيع لله لا حجة عليه وإن السامع العاصي لله لا حجة له، وإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإذا أراد الله بالناس خيرا استعمل عليهم صلحاءهم، وقضى بينهم فقهاؤهم (٢)، وجعل المال في سمحائهم، وإذا أراد بالعباد شرا عمل عليهم سفهاؤهم، وقضى بينهم جهلاؤهم، وجعل المال عند بخلائهم.
وإن من إصلاح الولاة أن تصلح قرناءها. ثم التفت إلى معاوية فقال: نصحك يا معاوية من أسخطك بالحق، وغشك من أرضاك بالباطل! فقطع معاوية عليه كلامه، وأمر بإنزاله، ثم لاطفه وأمر له بمال، فلما قبضه قال: ألست من السمحاء الذين ذكرت؟ فقال: إن كان لك مال غير مال المسلمين أصبته حلالا، وأنفقته إفضالا فنعم، وإن كان مال المسلمين احتجبته دونهم أصبته اقترافا، وأنفقته إسرافا، فإن الله يقول: ﴿إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين﴾ (3).