(89) الأصل:
إن هذه القلوب تمل كما تمل الأبدان، فابتغوا لها طرائف الحكمة.
* * * الشرح:
لو قال: إنها تمل كما تمل الأبدان، فأحمضوا (1) كما نقل عن غيره لحمل ذلك على أنه أراد نقلها إلى الفكاهات والاخبار والاشعار، ولكنه لم يقل ذلك، ولكن قال:
" فابتغوا لها طرائف الحكمة "، فوجب أن يحمل كلامه (عليه السلام) على أنه أراد أن القلوب تمل من الأنظار العقلية، في البراهين الكلامية على التوحيد والعدل، فابتغوا لها عند ملالها طرائف الحكمة، أي الأمثال الحكمية الراجعة إلى الحكمة الخلقية، كما نحن ذاكروه في كثير من فصول هذا الباب، مثل مدح الصبر، والشجاعة، والزهد والعفة، وذم الغضب والشهوة، والهوى، وما يرجع إلى سياسة الانسان نفسه، وولده، ومنزله، وصديقه، وسلطانه ونحو ذلك فإن هذا علم آخر وفن آخر، لا تحتاج القلوب فيه إلى فكر واستنباط، فتتعب وتكل بترادف النظر والتأمل عليها، وفيه أيضا لذه عظيمه للنفس.
وقد جاء في إجمام النفس كثير.
قال بعضهم روحوا القلوب برواتع (2) الذكر.