(87) الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمه الله، ولم يؤيسهم من روح الله، ولم يؤمنهم من مكر الله.
* * * الشرح:
قل موضع من الكتاب العزيز يذكر فيه الوعيد إلا ويمزجه بالوعد مثل أن يقول:
" إن ربك سريع العقاب " ثم يقول: " وإنه لغفور رحيم "، والحكمة تقتضي هذا ليكون المكلف مترددا بين الرغبة والرهبة.
ويقولون في الأمثال المرموزة: لقي موسى وهو ضاحك مستبشر عيسى وهو كالح قاطب، فقال عيسى: مالك كأنك آمن من عذاب الله؟ فقال موسى (عليه السلام): مالك كأنك آيس من روح الله! فأوحى الله إليهما: موسى أحبكما إلى شعارا فإني عند حسن، ظن عبدي بي.
وأعلم أن أصحابنا وإن قالوا بالوعيد فإنهم لا يؤيسون أحدا ولا يقنطونه من رحمة الله، وإنما يحثونه على التوبة، ويخوفونه إن مات من غير توبة، وبحق ما قال شيخنا أبو الهذيل: لولا مذهب الارجاء لما عصى الله في الأرض، وهذا لا ريب فيه، فإن أكثر العصاة إنما يعولون على الرحمة، وقد اشتهر