(71) الأصل:
من نصب نفسه للناس إماما فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، ومعلم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم.
* * * الشرح الفروع تابعة للأصول، فإذا كان الأصل معوجا استحال أن يكون الفرع مستقيما، كما قال صاحب المثل: " وهل يستقيم الظل والعود أعوج "، فمن نصب نفسه للناس إماما، ولم يكن قد علم نفسه ما انتصب ليعلمه الناس، كان مثل من نصب نفسه ليعلم الناس الصياغة، والنجارة، وهو لا يحسن أن يصوغ خاتما، ولا ينجر لوحا، وهذا نوع من السفه، بل هو السفه كله، ثم قال (عليه السلام): وينبغي أن يكون تأديبه لهم بفعله وسيرته قبل تأديبه لهم بلسانه، وذلك لان الفعل أدل على حال الانسان من القول.
ثم قال: ومعلم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم. وهذا حق، لان من علم نفسه محاسن الأخلاق أعظم قدرا ممن تعاطى تعليم الناس ذلك وهو غير عامل بشئ منه، فأما من علم نفسه وعلم الناس فهو أفضل (1) وأجل ممن اقتصر على تعليم نفسه فقط لا شبهة في ذلك.