(68) الأصل:
لا يرى الجاهل إلا مفرطا أو مفرطا.
* * * الشرح:
العدالة هي الخلق المتوسط، وهو محمود بين مذمومين، فالشجاعة محفوفة بالتهور والجبن، والذكاء بالغباوة والجربزة (1)، والجود بالشح والتبذير، والحلم بالجمادية والاستشاطة، وعلى هذا كل ضدين من الأخلاق فبينهما خلق متوسط، وهو المسمى بالعدالة، فلذلك لا يرى الجاهل إلا مفرطا أو مفرطا، كصاحب الغيرة فهو إما إن يفرط فيها، فيخرج عن القانون الصحيح فيغار لا من موجب، بل بالوهم وبالخيال وبالوسواس، وإما أن يفرط فلا يبحث عن حال نسائه ولا يبالي ما صنعن، وكلا الامرين مذموم، والمحمود الاعتدال.
ومن كلام بعض الحكماء (2): إذا صح العقل التحم (3) بالأدب كالتحام (4) الطعام بالجسد الصحيح، وإذا مرض العقل نبا عنه ما يستمع من الأدب كما يقئ الممعود ما أكل من الطعام، فلو آثر الجاهل أن يتعلم شيئا من الأدب لتحول ذلك الأدب جهلا، كما يتحول ما خالط جوف المريض من طيب الطعام داء.