العمل فأعفاه، فلزم منزله إلى أن مات، وعمر عمرا طويلا، قيل إنه عاش مائة سنة وثمانيا وستين، وقيل مائة سنة، وتوفى سنة سبع وثمانين.
وكان خفيف الروح، مزاحا، فقدم إليه رجلان، فأقر أحدهما بما ادعى به خصمه، وهو لا يعلم فقضى عليه، فقال لشريح: من شهد عندك بهذا قال: ابن أخت خالك وقيل إنه جاءته امرأته تبكي وتتظلم على خصمها، فما رق لها حتى قال له إنسان كان بحضرته: ألا تنظر أيها القاضي إلى بكائها فقال إن إخوة يوسف جاءوا أباهم عشاء يبكون.
وأقر علي عليه السلام شريحا على القضاء مع مخالفته له في مسائل كثيرة من الفقه مذكورة في كتب الفقهاء.
واستأذنه شريح وغيره من قضاة عثمان في القضاء أول ما وقعت الفرقة، فقال اقضوا كما كنتم تقضون حتى تكون للناس جماعة، أو أموت كما مات أصحابي.
وسخط علي عليه السلام مرة عليه فطرده عن الكوفة ولم يعزله عن القضاء، وأمره بالمقام ببانقيا - وكانت قرية قريبة من الكوفة أكثر ساكنها اليهود - فأقام بها مدة، حتى رضى عنه وأعاده إلى الكوفة.
وقال أبو عمر بن عبد البر في كتاب الاستيعاب أدرك شريح الجاهلية، ولا يعد من الصحابة، بل من التابعين، وكان شاعرا محسنا، وكان سناطا لا شعر في وجهه (1).
* * * قوله عليه السلام (وخطة الهالكين) بكسر الخاء، وهي الأرض التي يختطها الانسان،