شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٧٤
عن الاخر، علمنا أنه لا قرين له سبحانه، لأنه لو قارن شيئا على حسب هذه المقارنة لاستحال انفكاكه عنه، فكان محتاجا في تحقق ذاته تعالى إليه، وكل محتاج ممكن، فواجب الوجود ممكن هذا محال.
ثم شرع في تفصيل المتضادات، فقال (ضاد النور بالظلمة)، وهما عرضان عند كثير من الناس، وفيهم من يجعل الظلمة عدمية.
قال (والوضوح بالبهمة) يعنى البياض والسواد.
قال (والجمود بالبلل)، يعنى اليبوسة والرطوبة.
قال (والحرور بالصرد) يعنى الحرارة والبرودة، والحرور ها هنا مفتوح الحاء، يقال انى لأجد لهذا الطعام حرورا وحرورة في فمي، أي حرارة، ويجوز أن يكون في الكلام مضاف محذوف، أي وحرارة الحرور بالصرد; والحرور ها هنا يكون الريح الحارة، وهي بالليل كالسموم بالنهار، والصرد البرد.
ثم قال وانه تعالى مؤلف بين هذه المتباعدات، المتعاديات: المتباينات، وليس المراد من تأليفه بينها جمعه إياها في مكان واحد، كيف وذلك مستحيل في نفسه، بل هو سبحانه مؤلف لها في الأجسام المركبة حتى خلع منها صوره مفردة، هي المزاج، الا ترى انه جمع الحار والبارد والرطب واليابس، فمزجه مزجا مخصوصا حتى انتزع منه طبيعة مفردة، ليست حارة مطلقة، ولا باردة مطلقة، ولا رطبة مطلقة، ولا يابسة مطلقة، وهي المزاج، وهو محدود عند الحكماء بأنه كيفية حاصلة من كيفيات متضادة، وهذا هو محصول كلامه عليه السلام بعينه.
والعجب من فصاحته في ضمن حكمته، كيف أعطى كل لفظة من هذه اللفظات ما يناسبها ويليق بها، فأعطى المتباعدات لفظة (مقرب); لان البعد بإزاء القرب،
(٧٤)
مفاتيح البحث: الطعام (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317