واختلفوا في دفنه، فقال قائل ندفنه في مسجده، وقال قائل ندفنه في البقيع مع أصحابه، وقال أبو بكر سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول (ما قبض نبي الا ودفن حيث قبض) فرفع فراش رسول الله الذي توفى فيه، فحفر له تحته.
قلت كيف اختلفوا في موضع دفنه، وقد قال لهم (فضعوني على سريري في بيتي هذا، على شفير قبري) وهذا تصريح بأنه يدفن في البيت الذي جمعهم فيه، وهو بيت عائشة; فاما أن يكون ذلك الخبر غير صحيح، أو يكون الحديث الذي تضمن انهم اختلفوا في موضع دفنه، وان أبا بكر روى لهم أنه قال (الأنبياء يدفنون حيث يموتون) غير صحيح، لان الجمع بين هذين الخبرين لا يمكن.
وأيضا فهذا الخبر ينافي ما ورد في موت جماعة من الأنبياء نقلوا من موضع موتهم إلى مواضع اخر، وقد ذكر الطبري بعضهم في اخبار أنبياء بني إسرائيل.
وأيضا فلو صح هذا الخبر لم يكن مقتضيا ايجاب دفن النبي صلى الله عليه وآله حيث قبض، لأنه ليس بأمر بل هو اخبار محض، اللهم الا أن يكونوا فهموا من مخرج لفظه عليه السلام ومن مقصده انه أراد الوصية لهم بذلك، والامر بدفنه حيث يقبض.
قال أبو جعفر ثم دخل (1) الناس فصلوا عليه أرسالا، حتى إذا فرغ الرجال ادخل النساء، حتى إذا فرغ النساء ادخل الصبيان، ثم ادخل العبيد، ولم يؤمهم (2) امام، ثم دفن عليه السلام وسط الليل من ليله الأربعاء (3).
قال أبو جعفر وقد روت عمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة، عن عائشة قالت ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وآله حتى سمعنا صوت المساحي في جوف الليل ليلة الأربعاء (4).