شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ١٨٣
وبقيت بقية من أهل البغي; ولئن اذن الله في الكرة عليهم، لأديلن منهم الا ما يتشذر في أطراف البلاد تشذرا.
* * * الشرح:
قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال له عليه السلام (ستقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين)، فكان الناكثون أصحاب الجمل، لأنهم نكثوا بيعته عليه السلام، وكان القاسطون أهل الشام بصفين، وكان المارقون الخوارج في النهروان، وفى الفرق الثلاث قال الله تعالى ﴿فمن نكث فإنما ينكث على نفسه﴾ (١)، وقال ﴿واما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا﴾ (2)، وقال النبي صلى الله عليه وآله (يخرج من ضئضئ هذا قوم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر أحدكم في النصل فلا يجد شيئا، فينظر في الفوق (3)، فلا يجد شيئا، سبق الفرث والدم). وهذا الخبر من اعلام نبوته صلى الله عليه وآله ومن اخباره المفصلة بالغيوب.
واما شيطان الردهة، فقد قال قوم انه ذو الثدية صاحب النهروان، ورووا في ذلك خبرا عن النبي صلى الله عليه وآله، وممن ذكر ذلك واختاره الجوهري صاحب " الصحاح " (4) وهؤلاء يقولون إن ذا الثدية لم يقتل بسيف، ولكن الله رماه يوم النهروان بصاعقة، واليها أشار عليه السلام بقوله (فقد كفيته بصعقة سمعت لها وجبه

(١) سورة الفتح ١٠.
(٢) سورة الجن ١٥.
(3) الفوق: مشق رأس السهم حيث يقع الوتر.
(4) الصحاح 8: 2232، وفيه: قال الخليل: الردهة: شبه أكمة كثيرة الحجارة. وفي الحديث أنه صلى الله عليه وآله وسلم ذكر المقتول بالنهروان فقال: (شيطان الردهة).
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»
الفهرست