قوله (صرتم بعد الهجرة اعرابا); الاعراب على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله من آمن به من أهل البادية، ولم يهاجر إليه، وهم ناقصو المرتبة عن المهاجرين لجفائهم وقسوتهم وتوحشهم، ونشئهم في بعد من مخالطة العلماء، وسماع كلام الرسول صلى الله عليه وآله، وفيهم انزل ﴿الاعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر الا يعلموا حدود ما انزل الله على رسوله﴾ (١); وليست هذه الآية عامة في كل الاعراب بل خاصة ببعضهم، وهم الذين كانوا حول المدينة وهم جهينة، وأسلم وأشجع، وغفار، واليهم أشار سبحانه بقوله ﴿وممن حولكم من الاعراب منافقون﴾ (2) وكيف يكون كل الاعراب مذموما، وقد قال تعالى (ومن الاعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله) (1)، وصارت هذه الكلمة جارية مجرى المثل.
وأنشد الحجاج على منبر الكوفة:
قد لفها الليل بعصلبي (4) * أروع خراج من الدوي (5) * مهاجر ليس بأعرابي (6) *.
وقال عثمان لأبي ذر أخشى أن تصير بعد الهجرة أعرابيا.
وروى (ولا يعقلون من الايمان).
وقولهم (النار ولا العار)، منصوبتان باضمار فعل، أي ادخلوا النار ولا تلتزموا العار، وهي كلمه جارية مجرى المثل أيضا، يقولها أرباب الحمية والإباء، فإذا قيلت في حق كانت صوابا، وإذا قيلت في باطل كانت خطا.
واكفات الاناء وكفأته لغتان أي كببته.