ثم نهى أن يعتبر رضا الله وسخطه بما نراه من اعطائه الانسان مالا وولدا; فان ذلك جهل بمواقع الفتنة والاختبار.
وقوله تعالى (أيحسبون..)، الآية دليل على ما قاله عليه السلام، والأدلة العقلية أيضا دلت على أن كثيرا من الآلام والغموم والبلوى إنما يفعله الله تعالى للألطاف والمصالح. وما الموصولة في الآية يعود إليها محذوف ومقدر لا بد منه; والا كان الكلام غير منتظم، وغير مرتبط بعضه ببعض، وتقديره نسارع لهم في الخيرات.
* * * الأصل:
فان الله سبحانه يختبر عباده المستكبرين في أنفسهم; بأوليائه المستضعفين في أعينهم; ولقد دخل موسى بن عمران ومعه أخوه هارون صلى الله عليهما على فرعون وعليهما مدارع الصوف، وبأيديهما العصى فشرطا له - إن أسلم - بقاء ملكه، ودوام عزه; فقال الا تعجبون من هذين يشرطان لي دوام العز، وبقاء الملك; وهما بما ترون من حال الفقر والذل فهلا ألقى عليهما أساورة من ذهب; اعظاما للذهب وجمعه، واحتقارا للصوف ولبسه.
ولو أراد الله سبحانه لأنبيائه حيث بعثهم أن يفتح لهم كنوز الذهبان، ومعادن العقيان، ومغارس الجنان، وأن يحشر معهم طيور السماء، ووحوش الأرضين، لفعل، ولو فعل لسقط البلاء، وبطل الجزاء، واضمحلت الانباء، ولما وجب للقابلين أجور المبتلين، ولا استحق المؤمنون ثواب المحسنين، ولا لزمت الأسماء معانيها، ولكن الله سبحانه جعل رسله أولي قوة في عزائمهم، وضعفة فيما