قال نصر: وقد كان عبد الله بن سويد الحميري من آل ذي الكلاع، قال لذي الكلاع! ما حديث سمعته من ابن العاص في عمار؟ فأخبره، فلما قتل عمار خرج عبد الله ليلا يمشى، فأصبح في عسكر علي عليه السلام، وكان عبد الله من عباد أهل زمانه، وكاد أهل الشام أن يضطربوا لولا أن معاوية قال لهم: إن عليا قتل عمارا، لأنه أخرجه إلى الفتنة. ثم أرسل معاوية إلى عمرو: لقد أفسدت على أهل الشام، أكل ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه تقوله! فقال عمرو: قلتها ولست أعلم الغيب، ولا أدرى أن صفين تكون! قلتها وعمار يومئذ لك ولى، وقد رويت أنت فيه مثل ما رويت. فغضب معاوية وتنمر لعمرو، وعزم على منعه خيره، فقال عمرو لابنه وأصحابه:
لا خير في جوار معاوية، إن تجلت هذه الحرب عنه لأفارقنه - وكان عمرو حمى الانف، قال (1):
تعاتبني أن قلت شيئا سمعته * وقد قلت لو أنصفتني مثله قبلي أنعلك فيما قلت نعل ثبيتة * وتزلق بي في مثل ما قلته نعلي وما كان لي علم بصفين أنها * تكون وعمار يحث على قتلى ولو كان لي بالغيب علم كتمتها * وكايدت أقواما مراجلهم تغلي (2) أبى الله إلا أن صدرك واغر * على بلا ذنب جنيت ولا ذحل سوى أنني والراقصات عشية * بنصرك مدخول الهوى ذاهل العقل فلا وضعت عنى حصان قناعها * ولا حملت وجناء ذعلبة رحلي (3) ولا زلت أدعى في لؤي بن غالب * قليلا غنائي لا أمر ولا أحلى إن الله أرخى من خناقك مرة * ونلت الذي رجيت إن لم أزر أهلي