وتكادمنا بالأفواه، حتى صرنا قياما ينظر بعضنا إلى بعض، ما يستطيع أحد من الفريقين أن ينهض إلى صاحبه، ولا يقاتل، فلما كان نصف الليل من الليلة الثالثة، انحاز معاوية وخيله من الصف، وغلب علي عليه السلام على القتلى، فلما أصبح أقبل على أصحابه يدفهم وقد قتل كثير منهم، وقتل من أصحاب معاوية أكثر، وقتل فيهم تلك الليلة شمر بن أبرهة (1).
قال نصر: وحدثنا عمرو، عن جابر عن تميم، قال: والله إني لمع علي عليه السلام، إذ أتاه علقمة بن زهير الأنصاري، فقال: يا أمير المؤمنين، إن عمرو بن العاص يرتجز في الصف بشعر، أفأسمعكه؟ قال: نعم، قال: إنه يقول:
إذا تخازرت وما بي من خزر (2) * ثم كسرت العين من غير عور (3) ألفيتني ألوى بعيد المستمر (4) * ذا صولة في المصمئلات الكبر (5) أحمل ما حملت من خير وشر * كالحية الصماء في أصل الحجر فقال على: اللهم العنه، فإن رسولك لعنه، قال علقمة وإنه يا أمير المؤمنين يرتجز برجز آخر، فأنشدك؟ قال: قل، فقال:
أنا الغلام القرشي المؤتمن * الماجد الأبلج ليث كالشطن ترضى بي الشام إلى أرض عدن * يا قادة الكوفة، يا أهل الفتن (6)