ومنه قول البحتري:
هل الشباب ملم بي فراجعة * أيامه لي في أعقاب أيامي! (1) لو أنه نائل غمر يجاد به * إذن تطلبته عند ابن بسطام ومنه قول المتنبي، وهو يتغزل بأعرابية، ويصف بخلها وجبنها وقلة مطعمها، وهذه كلها من الصفات الممدوحة في النساء خاصة (2):
في مقلتي رشأ تديرهما * بدوية فتنت بها الحلل (3) تشكو المطاعم طول هجرتها * وصدودها، ومن الذي تصل!
ما أسأرت في القعب من لبن * تركته، وهو المسك والعسل قالت: ألا تصحو فقلت لها * أعلمتني أن الهوى ثمل لو أن فناخسر صبحكم * وبرزت وحدك عاقه الغزل (4) وتفرقت عنكم كتائبه * إن الملاح خوادع قتل ما كنت فاعلة وضيفكم * ملك الملوك وشأنك البخل أتمنعين قرى فتفتضحي * أم تبذلين له الذي يسل بل لا يحل بحيث حل به * بخل ولا جور ولا وجل وهذا من لطيف التخلص ورشيقه، والتخلص مذهب الشعراء، والمتأخرون يستعملونه كثيرا، ويتفاخرون فيه ويتناضلون، فأما التخلص في الكلام المنثور فلا يكاد يظهر لمتصفح الرسالة أو الخطبة إلا بعد تأمل شديد، وقد وردت منه مواضع في القرآن العزيز، فمن