وفي هذا الموضع إشكال، وذلك أن لقائل أن يقول: النهى عن المنكر واجب على العدل والفاسق، فكيف قال: " إنما أمرتم بالنهي بعد التناهي "، وقد روى أن الحسن البصري قال للشعبي: هلا نهيت عن كذا! فقال: يا أبا سعيد، إني أكره أن أقول ما لا أفعل.
قال الحسن: غفر الله لك! وأينا يقول ما يفعل! ود الشيطان لو ظفر منكم بهذه فلم يأمر أحد بمعروف ولم ينه عن منكر!
والجواب أنه عليه السلام لم يرد أن وجود النهى عن المنكر مشروط بانتهاء ذلك الناهي عن المنكر، وإنما أراد: أنى لم آمركم بالنهي عن المنكر إلا بعد أن أمرتكم بالانتهاء عن المنكر، فالترتيب إنما هو في أمره عليه السلام لهم بالحالتين المذكورتين، لا في نهيهم وتناهيهم.
فإن قلت: فلماذا قدم أمرهم بالانتهاء على أمرهم بالنهي؟
قلت: لان إصلاح المرء نفسه أهم من الاعتناء بإصلاحه لغيره.