الشرح:
الحاصب: الريح الشديدة التي تثير الحصباء، وهو صغار الحصى، ويقال لها أيضا حصبه، قال لبيد:
جرت عليها إذ خوت من أهلها * أذيالها كل عصوف حصبه (1) فأما التفسيرات التي فسر بها الرضى رحمه الله تعالى قوله عليه السلام: (آبر) فيمكن أن يزاد فيها، فيقال: يجوز أن يريد بقوله: (ولا بقي منكم آبر) أي نمام يفسد ذات البين، والمئبرة: النميمة، وأبر فلان، أي نم، والآبر أيضا: من يبغي القوم الغوائل خفية، مأخوذ من أبرت الكلب إذا أطعمته الإبرة في الخبز، وفي الحديث: (المؤمن كالكلب المأبور)، ويجوز أن يكون أصله (هابر)، أي من يضرب بالسيف فيقطع، وأبدلت الهاء همزة، كما قالوا في: (آل) أهل، وإن صحت الرواية الأخرى (آثر) بالثاء بثلاث نقط، فيمكن أن يريد به ساجي باطن خف البعير، وكانوا يسجون باطن الخف بحديدة ليقتص أثره، رجل آثر وبعير مأثور.
وقوله عليه السلام: (فأوبوا شر مآب)، أي ارجعوا شر مرجع. والأعقاب: جمع عقب بكسر القاف، وهو مؤخر القدم، وهذا كله دعاء عليهم، قال لهم أولا: أصابكم حاصب، وهذا من دعاء العرب، قال تميم بن أبي مقبل:
فإذا خلت من أهلها وقطينها * فأصابها الحصباء والسفان ثم قال لهم ثانيا: (لا بقي منكم مخبر). ثم قال لهم ثالثا: (ارجعوا شر مرجع)، ثم قال لهم رابعا: (عودوا على أثر الأعقاب): وهو مأخوذ من قوله تعالى: (ونرد (2)