قال يونس: هل عندك من لبن؟ قال: لا، والذي أكرم يونس ما مطرت السماء ولا أعشبت الأرض منذ فارقنا يونس. قال: ألا أراكم تحلفون بإله يونس؟ قال: لا نحلف بغير إله يونس، من فعل في مدينتنا فحلف بغير إله يونس نزع لسانه من قفاه. فقال له يونس: متى استحدثتم هذا؟ قال: لما كشف الله عنا العذاب. قال يونس: ائتني بنعجة. قال: فأتاه بنعجة مسلوبة، فمسح يده على بطنها، ثم قال لها:
دري بإذن الله. فدرت، فاحتلبها يونس، فشرب يونس والراعي.
فقال الراعي: إن كان يونس حيا فأنت هو! قال: أنا يونس، فأت قومك فاقرئهم مني السلام. قال: إن الملك قال: من أتاني فأعلمني أنه رأى يونس، وجاءني ذلك ببرهان، خلعت له ملكي وجعلته مكاني ولحقت بيونس. فلا أستطيع [أن] أبلغه ذلك إلا بحجة، فإني أخاف أن يقال لي: إنما قلت هذا لقول الملك وطمعت في ملكه وكذبت، وليس أحد منا يكذب اليوم كذبة إلا قتلوه، وأنت أعظم في أعينهم من ذلك أن أجيئهم بما يكذبوني ويقتلوني. قال يونس تشهد لك الشاة التي شربنا منها لبنا، وهو مستند إلى صخرة، فقال للصخرة: اشهدي له.
قال ابن سمعان: إن يونس قال للراعي: انطلق إلى قومك فبلغهم عني السلام وأخبرهم أنك قد رأيتني. قال: فانطلق الراعي فأخبرهم، فكذبوه. فلما شهدت الصخرة والشاة، اجتمعوا فبكوا على ذكر يونس ولم يروه، وقالوا للراعي: أنت خيرنا وسيدنا حين رأيت يونس.