قال: فعرض له وجع، وحضره الموت. فقال لأصحابه:
لا تبرحوا فإن هذا آخر عهدي بالدنيا، فإذا مت فادفنوني. وأخرج كتابه فقرأه عليهم حتى حفظوه وعلموا ما فيه. وقال لهم: هذا كتاب كتبه لي على ربي عز وجل، أستوفي منه ما فيه، فادفنوا هذا الكتاب معي. فلما مات جهزوه، لم ووضعوا الكتاب على صدره، ودفنوه.
فبعث الله تبارك وتعالى ملكا، فجاء به إلى ذي الكفل فقال يا ذا الكفل إن ربك قد وفى لكنعان بكفالتك وهذا الكتاب الذي كتبته له، وإن الله عز وجل يقول: هكذا أفعل بأهل طاعتي.
فلما أن جاءه الملك بالكتاب ظهر للناس، فأخذوه. فقالوا له أنت الذي غررت ملكنا وخدعته؟ فقال لهم: لم أغره ولم أخدعه، ولكن دعوته إلى الله، وتكفلت له بالجنة. وقد مات ملككم اليوم في ساعة كذا وكذا ودفنه أصحابكم. وهذا الكتاب الذي كنت كتبته له على الله عز وجل بالوفاء، وقد وفاه الله عز وجل حقه، وهذا الكتاب تصديق لما أقول لكم. فانتظروا حتى يرجع أصحابكم.
فحبسوه حتى قدم أصحابهم فسألوهم، فقصوا عليهم القصة.
فقالوا لهم: تعرفون الكتاب الذي دفنتموه معه؟ قالوا: نعم.
فأخرجوه إليهم، فقرؤوه، فقالوا: هذا الكتاب الذي كان معه، ودفناه في يوم كذا وكذا.
فنظروا وحسبوا، فإذا ذو الكفل كان قد قرأ عليهم الكتاب وأعلمهم بموت الملك في اليوم الذي مات فيه. فآمنوا