فاتبعته، فلم يكلمني، حتى وافينا الكوفة. فأقام بها يومه وليلته، ثم خرج نحو القادسية. فلما وافاها، قال لي: يا حامد! إلى أين؟ قلت:
يا سيدي! خرجت بخروجك. قال: أنا أريد مكة إن شاء الله!
قلت: وأنا إن شاء الله أريد مكة، فمشينا يومنا وليلتنا. فلما كان بعد أيام إذا شاب قد انضم إلينا في بعض الطريق. فمشى يوما وليلة لا يسجد لله - عز وجل - سجدة. فعرفت إبراهيم، وقلت: إن هذا الغلام لا يصلي. فجلس، وقال له: يا غلام! مالك لا تصلي، والصلاة أوجب عليك من الحج. فقال: يا شيخ! ما علي صلاة. قال:
ألست برجل مسلم؟ قال: لا. قال: أي شئ أنت؟ قال: نصراني، ولكن إشارتي في النصرانية إلى التوكل; وادعت نفسي أنها قد أحكمت حال التوكل فلم أصدقها فيما ادعت، حتى أخرجتها إلى هذه الفلاة التي ليس فيها موجود غير المعبود، أثير ساكني وأمتحن خاطري.
فقام إبراهيم ومشى، وقال: دعه يكون معك. فلم يزل يسايرنا إلى أن وافينا " بطن مر " فقام إبراهيم ونزع خلقانه قال وطهرها بالماء، ثم جلس وقال له: ما اسمك؟ قال: عبد المسيح. فقال: يا عبد المسيح!
هذا دهليز مكة، وقد حرم الله على أمثالك الدخول إليه وقرأ * (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا) *