إلينا بآلائه، وتحبب إلينا بنعمائه، وجاد علينا بجزيل عطائه; فهو قريب، إلى القلوب مجيب; تسمى بأسمائه الحسنى، وأمرنا أن ندعوه بها; فهو حكيم كريم، قريب مجيب. قال: فقلت لها: فيم حبست؟
فقالت: قومي عابوا علي ما سمعت منهم فقلت لصاحب المارستان:
أطلقها. ففعل; فقلت: اذهبي حيث شئت. فقالت: إن حبيب قلبي قد ملكني لبعض مماليكه، فإن رضي مالكي وإلا صبرت واحتبست.
فقلت: هذه والله أعقل مني! فجاء مالكها ومعه ناس كثير، فقال لصاحب المارستان: وأين البدعة؟ فقال: دخل عليها سري فأطلقها.
فلما رآني عظمني; فقلت: هي والله بالتعظيم مني! فما الذي تنكر منها؟
فقال: كثرة فكرتها، وسرعة عبرتها وزفرتها وحنينها; فهي باكية راغبة، لا تأكل مع من يأكل، ولا تشرب مع من يشرب; وهي بضاعتي اشتريتها بكل مالي - بعشرين ألف درهم - وأملت أن أربح فيها مثل ثمنها. فقلت: وما كانت صنعتها؟ قال: مطربة. قلت: ومنذ كم كان بها هذا الداء؟ فقال: منذ سنة. قلت: ما كان بدؤه؟ قال: كان العود في حجرها وهي تغني وتقول:
وحقك لا نقضت الدهر عهدا * ولا كدرت بعد الصفو ودا