على من لم يتسع له ما اتسع لهم. فقال الواثق: نعم، إن لم يتسع لنا من الإمساك عن هذه المقالة ما اتسع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي بكر وعمر وعثمان وعلي فلا وسع الله علينا; اقطعوا قيد الشيخ! فلما قطع القيد ضرب الشيخ بيده إلى القيد حتى يأخذه، فجاذبه الحداد عليه. فقال الواثق: دع الشيخ يأخذه! فأخذه فوضعه في كمه. فقال له الواثق: يا شيخ! لم جاذبت الحداد عليه؟ قال: لأني نوديت أن أتقدم إلى من أوصي إليه إذا أنا مت أن يجعله بيني وبين كفني حتى أخاصم به هذا الظالم عند الله يوم القيامة، وأقول: يا! رب سل عبدك هذا لم قيدني وروع أهلي وولدي وإخواني بلا حق أوجب ذلك علي. وبكى الشيخ وبكى الواثق وبكينا. ثم سأله الواثق أن يجعله في حل وسعة بما ناله. فقال الشيخ: والله يا أمير المؤمنين.
لقد جعلتك في حل وسعة من أول يوم إكراما لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ كنت رجلا من أهله. فقال الواثق: لي إليك حاجة. فقال الشيخ:
إن كانت ممكنة فعلت. فقال له الواثق: تقيم قبلنا فننتفع بك وتنتفع بنا. فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين! إن ردك إياي إلى الموضع الذي أخرجني عنه هذا الظالم أنفع لك من مقامي عليك; وأخبرك بما في ذلك: أصير إلى أهلي وولدي فأكف دعاءهم عليك، فقد خلفتهم على ذلك. فقال له الواثق: فتقبل منا صلة تستعين بها على دهرك؟ فقال: