إن كان الخضر يشهد الحروب فنظن صاحب البلقاء الخضر. وقال بعضهم: والله لولا أن الملائكة لا تباشر لقلت: ملك بيننا.
ولا يذكره الناس ولا يأبهون له لأنه بات في محبسه. وجعل سعد يقول:
والله لولا محبس أبي محجن لقلت: إن هذا أبو محجن وهذه البلقاء. فلما انتصف الليل تحاجز الناس وتراجع المسلمون. وأقبل أبو محجن حتى دخل من حيث خرج، فوضع عن نفسه ودابته وأعاد رجليه في قيديه وذكر عبد الرزاق قال: وأخبرنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين، قال: كان أبو محجن الثقفي لا يزال يجلد في الخمر، فلما أكثر عليهم سجنوه وأوثقوه. فلما كان يوم القادسية فكأنه رأى أن المشركين قد أصابوا في المسلمين. فأرسل إلى أم ولد سعد أو امرأة سعد: إن أبا محجن يقول لك: إن خليت سبيله وحملته على هذا الفرس ودفعت إليه سلاحا ليكونن أول من يرجع إليك إلا أن يقتل. وأنشأ يقول:
كفى حزنا أن تلتقي الخيل بالقنا * وأترك مشدودا علي وثاقيا إذا قمت عناني الحديد وغلقت * مصاريع من دوني تصم المناديا فحلت عنه قيوده وحمل على فرس كان في الدار وأعطي سلاحا.
ثم خرج يركض حتى لحق بالقوم، فجعل لا يزال يحمل على رجل فيقتله ويدق صلبه. فنظر إليه سعد فجعل يتعجب ويقول: من ذاك الفارس؟
قال: فلم يلبثوا إلا يسيرا حتى هزمهم الله. ورجع أبو محجن ورد