وذلك حين طابت الظلال وطابت الثمار وكان قلما أراد غزوة إلا ورى بغيرها. وكان يقول: " الحرب خدعة " - إلا غزوة تبوك، فإنه جلى للناس أمرهم. فأراد النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك أيتأهب الناس أهبته. وأنا أيسر ما كنت، قد جمعت راحلتين، وأنا أقدر شئ في نفسي على الجهاد وخفة الحاذ، وأنا في ذلك أصغي إلى الظلال وطيب الثمار. فلم أزل كذلك حتى قام رسول الله صلى الله عليه وسلم غاديا بالغداة، وذلك يوم الخميس، وكان يحب أن يخرج يوم الخميس فأصبح غاديا. فقلت: أنطلق غدا إلى السوق فأشتري جهازي ثم ألحق بهم، فانطلقت إلى السوق من الغد، فعسر علي بعض شأني، فرجعت. فقلت: أرجع غدا إن شاء الله فألحق بهم، فعسر علي بعض شأني أيضا. فقلت: أرجع غدا إن شاء الله، فلم أزل كذلك حتى ألبس بي الذنب، وتخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلت أمشي في الأسواق وأطوف بالمدينة، فيحزنني أني لا أرى أحدا تخلف إلا رجلا مغموصا عليه في النفاق. وكان ليس أحد تخلف إلا رأى أن ذلك.
سيخفى له، وكان الناس كثيرا لا يجمعهم ديوان، وكان جميع من تخلف