وكانت بست قد دخلت في حوزة المسلمين سنة ثلاث وأربعين للهجرة، إذ افتتحها عبد الرحمن بن سمرة، ثم تقدم منها حتى بلغ كابل، ففتحها، وأسر الشاه (1).
وتوالى على سجستان - ومنها بست - ولاة بني أمية، ثم ولاة بني العباس، إلا أنهم كانوا في نزاع مستمر مع الأمراء المستقلين للبلاد المجاورة، والذي كانوا يلقبون برتبيل، إلى أن استطاع رجل من أهل سجستان، ذو جرأة نادرة، وشجاعة فائقة، كان في أول أمره نحاسا، هو يعقوب بن الليث الصفار، استطاع أن يغلب على إقليم سجستان سنة 254 ه، ثم سار ليبسط سيطرته على هراة وبوشنج وكرمان والسند وفارس وبلخ، مبتدئا عهد الدولة الصفارية (2)، ويموت يعقوب سنة 265 ه ليخلفه أخوه عمر الذي أظهر الطاعة للخليفة العباسي، فولاه على ولايات سجستان وخراسان وفارس وأصفهان وكرمان والسند، غير أن تزايد سطوته أثارت قلق الخليفة وتوجسه، فوجه إليه جيشا بقيادة إسماعيل بن أحمد الساماني، فيقع عمر أسيرا في بلخ سنة 287 ه، ثم يموت سنة 289 ه، وتتقلص بذلك سيطرة الصفاريين عن تلك الولايات الواسعة، لتقع في قبضة السامانيين الذين أبقوا لبني الصفار حكم إقليم سجستان في ظل سيادتهم وتحت سيطرتهم، ويستمر حكم الدولة السامانية حتى سنة 389 ه، حيث وافاها ما تلاقيه الدول، حين دهمت خيول الغزنويين بلاد السامانيين، فأسقطت حكمهم، وأنهت سيطرتهم، لتبدأ أيام الدولة الغزنوية (3).