شرق سجستان، تقع على الضفة اليسرى للنهر الكبير هيلمند، إلى الجنوب من الموقع الذي يتصل بنهر أرغنداب، فهي ذات موقع حسن جدا، لكونها في الزاوية التي بين هذين النهرين في البقعة التي يصبح فيها النهر صالحا للملاحة، وحيث تلتقي الطرق الآتية من زرنج وهراة لتعبر نهر هيلمند على جسر من السفن ثم تتابع سيرها إلى بلوخستان والهند، مما جعلها مركزا تجاريا إلى بلاد الهند (1). وكانت تمتاز بكثرة الزروع والنخيل والأعناب والفواكه، نظرا لوفرة مياهها، وخصب أرضها (2) إلا أن حوادث الزمان امتدت إليها، لتغتال بهاءها، فأجالت فيها يد الخراب، وأحالت بساتينها الغناء إلى صحراء مجدبة، وكان بدء ذلك حين اكتسح علاء الدين حسن جهان سوز (أي محرق العالم) الغوري مملكة الغزنويين، وكانت إحدى مدنها، فلحقها ما لحق بمدن الغزنويين من الخراب، وذلك حوالي سنة 545 ه. (3) ويصفها ياقوت في أوائل القرن السابع الهجري، فيقول: " والخراب فيها ظاهر "، وكان من الممكن لهذه المدينة أن تلتقط أنفاسها، فترمم ما تهدم منها، لولا أن تيمور أجهز عليها في أواخر القرن الثامن، فأوقع بها وبما جاورها الدمار، حين زحف إليها من زرنج (4)، ولم يبق من بست إلا حصنها الذي ظل يقاوم الأحداث بفضل موقعه الحربي، إلى أن خربه نادر شاه في القرن الثاني عشر الهجري عام 1117 ه = 1738 م، ولا تزال أسواره قائمة على شاطئ الهيلمند، كما أن الأطلال التي تشغل مساحة كبيرة من الأرض تشهد على ما كان لهذه المدينة من عظمة وبهاء (5).
(٨)