في كتابه " الصحيح " سبعة آلاف واثنان وخمسة وسبعون حديثا بالأحاديث المتكررة. كما نقل ابن الصلاح أيضا عن مسلم قوله: ليس كل شئ عندي صحيح وضعته هنا - يعني في كتابه " الصحيح " - إنما وضعت ها هنا ما أجمعوا عليه ونقل الحازمي عن البخاري قوله: كنت عند إسحاق بن راهويه، فقال لي بعض أصحابنا: لو جمعتم مختصرا لسنن النبي صلى الله عليه وسلم، فوقع ذلك في قلبي، فأخذت في جمع هذا الكتاب. قال الحازمي: فقد ظهر بهذا أن قصد البخاري كان وضع مختصر في الحديث، وأنه لم يقصد الاستيعاب لا في الرجال ولا في الحديث.
وبقاء عدد كبير من الأحاديث الصحيحة خارج " الصحيحين " حرك همة الحفاظ إلى جمعها واستيعابها والتصنيف فيها، فكان أن ألف ابن خزيمة " صحيحه " (1)، وتبعه تلميذه ابن حبان، فألف صحيحه المسمى ب " التقاسيم والأنواع "، ثم ألف تلميذه الحاكم " مستدركه على الصحيحين " (2).
وشرط هؤلاء كما هو ظاهر رواية الصحيح من الحديث، على تفاوت بينهم في التزام الصحيح المجرد، فما هو مدى التزام كل واحد منهم برواية الصحيح، وما هي منزلة " صحيح " ابن حبان بين الصحاح؟ الجواب عن ذلك يستلزم التعريف بشخصية ابن حبان، وسيرته، وحياته العلمية، ومدى تمكنه من علوم الحديث، ثم سبر صحيحه من خلال شروطه ومناقشاتها وأقوال الأئمة فيها، إلى آخر ما يتعلق به، فلنمض في ترجمته والتعريف إليه.