السيوطي المتوفى سنة 911 ه في كتابه " الجامع الكبير "، وعزا إليه في تفسيره " الدر المنشور "، وعزا إليه غير هؤلاء من الحفاظ مما يمكن من القول: إن معظم صحيح ابن حبان منثور في مؤلفات المحدثين الذين أتوا بعده.
5 - الإفادة من فقهه للنصوص وتعليقاته عليها: ومما زاد في إغراء العلماء بالنظر في " صحيح " ابن حبان والأخذ عنه ما حفل به هذا الصحيح من استنباطات فقهية دقيقة عنون بها المؤلف كل حديث أورده، فكتابه من هذه الناحية يعد كتابا في الفقه ذا أهمية خاصة، لأن استنباطاته مبنية على أدلتها، مستندة إلى نصوصها، يضاف إلى ذلك تعليقاته الهامة على كثير من الأحاديث، يفسر فيها لفظا غريبا، أو يوضح معنى مستغلقا، أو يرفع إشكالا، ويزيل إبهاما، أو يجمع بين روايتين الظاهر أن بينهما تضادا وتهاترا - على حد تعبيره - أو يذكر اسم رجل بتمامه إن ذكر في الإسناد كنيته أو العكس، إلى آخر ما ذكره من شوارد وفرائد، زادت في غنى كتابه، وجعلته منقطع النظير في بابه.
ومع هذا فقد ظلت الإفادة منه مقصورة على الصفوة من الأئمة، الذين اقتحموا أسواره، واقتطفوا ثماره وأزهاره، وظلت أبوابه موصدة في وجه كثير ممن تشوف إليه، ورغب في الأخذ عنه، وذلك بسبب الطريقة العسرة التي بني عليها ورتب بها.
طريقة ترتيبه:
نحا ابن حبان في ترتيب كتابه هذا طريقة غريبة، أنتجتها عقليته المتميزة بالقدرة على التصنيف والإبداع، المبرمجة بعلم الأصول والكلام، دعاه إلى ذلك ما ذكره في مقدمته من أنه أراد أن يحمل الناس على حفظ السنن، فلم يجد حيلة في ذلك إلا أن يقسم السنن إلى أقسام، كل قسم يشتمل على أنواع، وكل نوع يشتمل على أحاديث، قصده في ذلك أن يحذو ترتيب القرآن، إذ القرآن