قوله (كانتا لحقوقه التي تعروه ونوائبه) معناه ما يطرأ عليه من الحقوق الواجبة والمندوبة ويقال عروته واعتريته وعررته واعتررته إذا أتيته تطلب منه حاجة قوله (صلى الله عليه وسلم) (لا تقسم ورثتي دينارا ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة) قال العلماء هذا التقييد بالدينار هو من باب التنبيه على ما سواه كما قال الله تعالى يعمل مثقال ذرة خيرا يره وقال تعالى من أن تأمنه بدينار لا يؤده إليك قالوا وليس المرا بهذا اللفظ النهي لأنه إنما ينهى عما يمكن وقوعه وارثه (صلى الله عليه وسلم) غير ممكن وإنما هو بمعنى الأخبار ومعناه لا يقتسمون شيئا لأني لا أورث هذا هو الصحيح المشهور من مذاهب العلماء في معنى الحديث وبه قال جماهيرهم وحكى القاضي عن ابن علية وبعض أهل البصرة أنهم قالوا إنما لم يورث لأن الله تعالى خصه أن جعل ماله كله صدقة والصواب الأول وهو الذي يقتضيه سياق الحديث ثم أن جمهور العلماء على أن جميل الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين لا يورثون وحكى القاضي عن الحسن البصري أنه قال عدم الإرث بينهم مختص بنبينا (صلى الله عليه وسلم) لقوله تعالى عن زكريا ويرث من آل يعقوب وزعم أن المراد وراثة المال وقال ولو أراد وراثة النبوة لم يقل وإني خفت الموالي من ورائي إذ لا يخاف الموالي على النبوة ولقوله تعالى سليمان داود والصواب ما حكيناه عن الجمهور أن جميع الأنبياء لا يورثون والمراد بقصة زكريا وداود وراثة النبوة وليس المراد حقيقة الإرث بل قيامه مقامه وحلوله مكانه والله أعلم وأما قوله (صلى الله عليه وسلم) (ومؤنة عاملي)
(٨١)