باب صلح الحديبية في الحديبية والجعرانة لغتان التخفيف وهو الأفصح والتشديد وسبق بيانهما في كتاب الحج قوله (هذا ما كاتب عليه محمد رسول الله) وفي الرواية الأخرى هذا ما قاضى عليه محمد قال العلماء معنى قاضى هنا فاصل وأمضى أمره عليه ومنه قضى القاضي أي فصل الحكم وأمضاه ولهذا سميت تلك السنة عام المقاضاة وعمرة القضية وعمرة القضاء كله من هذا وغلطوا من قال أنها سميت عمرة القضاء لقضاء العمرة التي صد عنها لأنه لا يجب قضاء المصدود عنها إذا تحلل بالاحصار كما فعل النبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه في ذلك العام [وفي هذا الحديث دليل على أنه يجوز أن يكتب في أول الوثائق وكتب الأملاك والصداق والعتق والوقف والوصية ونحوها هذا ما اشترى فلان أو هذا ما أصدق أو وقف أو أعتق ونحوه وهذا هو الصواب الذي عليه الجمهور من العلماء وعليه عمل المسلمين في جميع الأزمان وجميع البلدان من غير انكار قال القاضي عياض رضي الله عنه وفيه دليل على أنه يكتفي في ذلك بالاسم الشهور من غير زيادة خلافا لمن قال لابد من أربعة المذكور وأبيه وجده ونسبه وفيه أن للإمام أن يعقد الصلح على ما رآه مصلحة للمسلمين وإن كان لا يظهر ذلك لبعض الناس في بادئ الرأي وفيه احتمال المفسدة اليسيرة لدفع أعظم منها أو لتحصيل مصلحة أعظم منها إذا لم يمكن ذلك إلا بذلك] قوله [فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) لعلي امحه فقال ما أنا بالذي أمحاه] هكذا هو في جميع النسخ بالذي أمحاه وهي لغة في أمحوه [وهذا الذي فعله علي رضي الله عنه من باب الأدب المستحب] لأنه ليفهم من النبي (صلى الله عليه وسلم) تحتيم محو علي بنفسه ولهذا لم ينكر
(١٣٥)