ويتهم في قضاياه فكان مخالفتكما لنا تشعر من رآها أنكم تعتقدان ذلك فينا والله أعلم قال المازري وأما الاعتذار عن علي والعباس رضي الله عنهما في أنهما ترددا إلى الخليفتين مع قوله (صلى الله عليه وسلم) لا نور ث ما تركناه فهو صدقة وتقرير عمر رضي الله عنه أنهما يعلمان ذلك فأمثل ما فيه ما قاله بعض العلماء أنهما طلبا أن يقسماها بينهما نصفين ينفقان بها على حسب ما ينفعهما الإمام بها لو وليها بنفسه فكره عمر أن يوقع عليها اسم القسمة لئلا يظن لذلك مع تطاول الأزمان أنها ميراث وأنهما ورثاه لا سيما وقسمة الميراث بين البنت والعم نصفان فيلتبس ذلك ويظن أنهم تملكوا ذلك ومما يؤيد ما قلناه ما قاله أبو داود أنه لما صارت الخلافة إلى علي رضي الله عنه لم يغيرها عن كونها صدقة وبنحو هذا احتج السفاح فإنه لما خطب أول خطبة قام بها قام إليه رجل معلق في عنقه المصحف فقال أنشدك الله إلا ما حكمت بيني وبين خصمي بهذا المصحف فقال من هو خصمك قال أبو بكر في منعه فدك قال أظلمك قال نعم قال فمن بعده قال عمر قال أظلمك قال نعم وقال في عثمان كذلك قال فعلى ظلمك فسكت الرجل فأغلظ له السفاح قال القاضي عياض وقد تأول قوم طلب فاطمة رضي الله عنها ميراثها من أبيها علي أنها تأولت الحديث إن كان بلغها قوله (صلى الله عليه وسلم) لا نورث على الأموال التي لها بال فهي التي لا تورث لا ما يتركون من طعام وأثاث وسلاح وهذا التأويل خلاف ما ذهب إليه أبو بكر وعمر وسائر الصحابة رضي الله عنهم وأما قوله (صلى الله عليه وسلم) ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فليس معناه أرثهن منه بل لكونهن محبوسات عن الأزواج بسببه أو لعظم حقهن في بيت المال لفضلهن وقدم هجرتهن وكونهن أمهات المؤمنين وكذلك اختصصن بمساكنهن لم يرثها ورثتهن قال القاضي عياض وفي ترك فاطمة منازعة أبي بكر بعد احتجاجه عليها بالحديث التسليم للإجماع على قضية وأنها لما بلغها الحديث وبين لها التأويل تركت رأيها ثم لم يكن منها ولا من ذريتها بعد ذلك طلب ميراث ثم ولى علي الخلافة فلم يعدل بها عما فعله أبو بكر وعمر رضي الله عنه فدل على أن طلب علي والعباس إنما كان طلب تولي القيام بها بأنفسهما وقسمتها بينهما كما سبق قال وأما ما ذكر من هجران فاطمة أبا بكر رضي الله عنه فمعناه انقباضها عن لقائه وليس هذا من الهجران المحرم الذي هو ترك السلام والإعراض عند اللقاء قوله في هذا الحديث (فلم تكلمه) يعني في هذا الأمر أو لانقباضها لم تطلب منه حاجة ولا اضطرت إلى لقائه فتكلمه ولم ينقل قط أنهما التقيا فلم تسلم عليه
(٧٣)