أبلغ من بعض فأحسب أنه صادق فأقضى له فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو يذرها أما ألحن فهو بالحاء المهملة ومعناه أبلغ وأعلم بالحجة كما صرح به في الرواية الثانية وقوله (صلى الله عليه وسلم) (إنما أنا بشر) معناه التنبيه على حالة البشرية وأن البشر لا يعلمون من الغيب وبواطن الأمور شيئا إلا أن يطلعهم الله تعالى على شئ من ذلك وأنه يجوز عليه في أمور الأحكام ما يجوز عليهم وأنه إنما يحكم بين الناس بالظاهر والله يتولى السرائر فيحكم بالبينة وباليمين ونحو ذلك من أحكام الظاهر مع إمكان كونه في الباطن خلاف ذلك ولكنه إنما كلف الحكم بالظاهر وهذا نحو قوله (صلى الله عليه وسلم) أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله وفي حديث المتلاعنين لولا الإيمان لكان لي ولها شأن ولو شاء الله تعالى لأطلعه (صلى الله عليه وسلم) على باطن أمر الخصمين فحكم بيقين نفسه من غير حاجة إلى شهادة أو يمين لكن لما أمر الله تعالى أمته باتباعه والاقتداء بأقواله وأفعاله وأحكامه أجرى له حكمهم في عند م الاطلاع على باطن الأمور ليكون حكم الأمة في ذلك حكمه فأجرى الله تعالى أحكامه على الظاهر الذي يستوى فيه هو وغيره ليصح الاقتداء به وتطيب نفوس العباد للانقياد للأحكام الظاهرة من غير نظر إلى الباطن والله أعلم فإن قيل هذا الحديث ظاهره أنه قد يقع منه (صلى الله عليه وسلم) في الظاهر مخالف للباطن وقد اتفق الأصوليون على أنه (صلى الله عليه وسلم) لا يقر على خطأ في الأحكام فالجواب أنه لا تعارض بين الحديث وقاعدة الأصوليين لأن مراد الأصوليين فيما
(٥)