بكر عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن عثمان ابن أبي عمرة الأنصاري عن زيد بن خالد الجهني) هذا الحديث فيه أربعة تابعيون بعضهم عن بعض وهم عبد الله وأبوه وعبد الله بن عمرو بن عثمان وابن أبي عمرة واسم ابن أبي عمرة عبد الرحمن بن عمرو بن محصن الأنصاري قوله (صلى الله عليه وسلم) (ألا أخبركم بخير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسئلها) وفي المراد بهذا الحديث تأويلان أصحهما وأشهرهما تأويل مالك وأصحاب الشافعي أنه محمول على من عنده شهادة لإنسان بحق ولا يعلم ذلك الإنسان أنه شاهد فيأتي إليه فيخبره بأنه شاهد له والثاني أنه محمول على شهادة الحسبة وذلك في غير حقوق الآدميين المختصة بهم فما تقبل فيه شهادة الحسبة الطلاق والعتق والوقف والوصايا العامة والحدود ونحو ذلك فمن علم شيئا من هذا النوع وجب عليه رفعه إلى القاضي واعلامه به والشهادة قال الله تعالى وأقيموا الشهادة لله وكذا في النوع الأول يلزم من عنده شهادة لإنسان لا يعلمها أن يعلمه إياها لأنها أمانة له عنده وحكى تأويل ثالث أنه محمول على المجاز والمبالغة في أداء الشهادة بعد طلبها لا قبله كما يقال الجواد يعطي قبل السؤال أي يعطي سريعا حق السؤال من غير توقف قال العلماء وليس في هذا الحديث مناقضة للحديث الآخر في ذم من يأتي بالشهادة قبل أن يستشهد في قوله (صلى الله عليه وسلم) يشهدون ولا يستشهدون وقد تأول العلماء هذا تأويلات أصحها تأويل أصحابنا أنه محمول على من معه شهادة لآدمي عالم بها فيأتي فيشهد بها قبل أن تطلب منه والثاني أنه محمول على شاهد الزور فيشهد بما لا أصل له ولم يستشهد والثالث أنه محمول على من ينتصب شاهدا وليس هو من أهل الشهادة والرابع أنه محمول على من يشهد لقوم بالجنة أو بالنار من غير توقف وهذا ضعيف والله أعلم
(١٧)