فبالمد وهو أخفافها لأنها تقوى بها على السير وقطع المفاوز وفي هذا الحديث جواز قول رب المال ورب المتاع ورب الماشية بمعنى صاحبها الآدمي وهذا هو الصحيح الذي عليه جماهير العلماء ومنهم من كره إضافته إلى ماله روح دون المال والدار ونحوه وهذا غلط لقوله (صلى الله عليه وسلم) فإن جاء ربها فأدها إليه وحتى يلقاها ربها وفي حديث عمر رضي الله عنه وإدخال رب الصريمة والغنيمة ونظائر ذلك كثيرة والله أعلم وأما قوله (صلى الله عليه وسلم) (ثم عرفها سنة) معناه إذا أخذتها فعرفها سنة فأما الأخذ فهل هو واجب أم مستحب فيه مذاهب ومختصر ما ذكره أصحابنا ثلاثة أقوال أصحها عندهم يستحب ولا يجب والثاني يجب والثالث إن كانت اللقطة في موضع يأمن عليها إذا تركها استحب الأخذ وإلا وجب وأما تعريف سنة فقد أجمع المسلمون على وجوبه إذا كانت اللقطة ليست تافهة ولا في معنى التافهة ولم يرد حفظها على صاحبها بل أراد تملكها ولا بد من تعريفها سنة بالإجماع فأما إذا لم يرد تملكها بل أراد حفظها على صاحبها فهل يلزمه التعريف فيه وجهان لأصحابنا أحدهما لا يلزمه بل إن جاء صاحبها وأثبتها دفعها إليه والإدام حفظها والثاني وهو الأصح أنه يلزمه التعريف لئلا تضيع على صاحبها فإنه لا يعلم أين هي حتى يطلبها فوجب تعريفها وأما الشئ الحقير فيجب تعريفه زمنا يظن أن فاقده لا يطلبه في العادة أكثر من ذلك الزمان قال أصحابنا والتعريف أن ينشدها في الموضع الذي وجدها فيه وفي الأسواق وأبواب المساجد ومواضع اجتماع الناس فيقول من ضاع منه شئ من ضاع منه حيوان من ضاع منه دراهم ونحو ذلك ويكرر ذلك بحسب العادة قال أصحابنا فيعرفها أولا في كل يوم ثم في الأسبوع ثم في أكثر منه والله أعلم قوله (صلى الله عليه وسلم) (فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها) معناه إن جاءها صاحبهم فادفعها إليه وإلا فيجوز لك أن تتملكها قال أصحابنا إذا عرفها فجاء صاحبها في أثناء مدة التعريف أو بعد انقضائها وقبل أن يتملكها الملتقط فأثبت أنه صاحبها أخذها بزيادتها المتصلة والمنفصلة فالمتصلة كالسمن في الحيوان وتعليم صنعة ونحو ذلك والمنفصلة كالولد واللبن والصوف واكتساب العبد ونحو ذلك وأما إن جاء من يدعيها ولم يثبت ذلك فإن لم يصدقه الملتقط
(٢٢)