مماتكم) فمعناه أني هاجرت إلى الله وإلى دياركم لاستيطانها فلا أتركها ولا أرجع عن هجرتي الواقعة لله تعالى بل أنا ملازم لكم المحيا محياكم والممات مماتكم أي لا أحيى إلا عندكم ولا أموت إلا عندكم وهذا أيضا من المعجزات فلما قال لهم هذا بكوا واعتذروا وقالوا والله ما قلنا كلامنا السابق إلا حرصا عليك وعلى مصاحبتك ودوامك عندنا لنستفيد منك ونتبرك بك وتهدينا الصراط المستقيم كما قال الله تعالى لتهدي إلى صراط مستقيم وهذا معنى قولهم ما قلنا الذي قلنا إلا الظن بك هو بكسر الضاد أي شحا بك أن تفارقنا ويختص بك غيرنا وكان بكاؤهم فرحا بما قال لهم وحياء مما خافوا أن يكون بلغه عنهم مما يستحيي منه [قوله (فأقبل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى أقبل إلى الحجر فاستلمه ثم طاف بالبيت) فيه الابتداء بالطواف في أول دخول مكة سواء كان محرما بحج أو عمرة أو غير محرم وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) دخلها في هذا اليوم وهو يوم الفتح غير محرم بإجماع المسلمين وكان على رأسه المغفرة والأحاديث متظاهرة على ذلك والإجماع منعقد عليه] وأما قول القاضي عياض رضي الله عنه أجمع العلماء على تخصيص النبي (صلى الله عليه وسلم) بذلك ولم يختلفوا في أن من دخلها بعده لحرب أو بغى أنه لا يحل له دخولها حلالا فليس كما نقل بل مذهب الشافعي وأصحابه وآخرين أنه يجوز دخولها حلالا للمحارب بلا خلاف وكذا لمن يخاف من ظالم لو ظهر للطواف وغيره وأما من لا عذر له أصلا فللشافعي رضي الله عنه فيه قولان مشهوران أصحهما أنه لا يجوز له دخولها بغير إحرام لكن يستحب له الإحرام والثاني لا يجوز وقد سبقت المسألة في أول كتبا الحج قوله (فأتى على صنم إلى جنب البيت كانوا يعبدونه فجعل يطعنه بسية قوسه) [السية] بكسر السين وتخفيف الياء
(١٢٩)