والصحيح المعروف الأول قال القاضي واختلفوا في إسلامه فقال الطبري أسلم وعمر عمرا طويلا وقال غيرهم لم يسلم [وفى صحيح البخاري أن الذي أهداها له ملك أيلة واسم ملك أيله فيما ذكره بن إسحاق يحنة بن روبة والله أعلم فإن قيل ففي هذا الحديث قبوله (صلى الله عليه وسلم) هدية الكافر وفي الحديث الآخر هدايا العمال غلول مع حديث ابن اللتبية عامل الصدقات وفي الحديث الآخر أنه رد بعض هدايا المشركين وقال إنا لا نقبل زبد المشركين أي رفدهم فكيف يجمع بين هذه الأحاديث قال القاضي رضي الله تعالى عنه قال بعض العلماء أن هذه الأحاديث ناسخة لقبول الهدية قال وقال الجمهور لا نسخ بل سبب القبول أن النبي (صلى الله عليه وسلم) مخصوص بالفئ الحاصل بلا قتال بخلا ف غيره فقبل النبي (صلى الله عليه وسلم) ممن طمع في إسلامه وتأليفه لمصلحة يرجوها للمسلمين وكافأ بعضهم ورد هدية من لم يطمع في إسلامه ولم يكن في قبولها مصلحة لأن الهدية توجب المحبة والمودة وأما غير النبي (صلى الله عليه وسلم) من العمال والولاة فلا يحل له قبولها لنفسه عند جمهور العلماء فإن قبلها كانت فيئا للمسلمين فإنه لم يهدها إليه إلا لكونه إمامهم وإن كانت من قوم هو محاصرهم فهي غنيمة قال القاضي وهذا قول الأوزاعي] ومحمد بن الحسن وابن القاسم وابن حبيب وحكاه ابن حبيب عمن لقيه من أهل العلم وقال آخرون هي للإمام خالصة به قال أبو يوسف وأشهب وسحنون وقال الطبري إنما رد النبي (صلى الله عليه وسلم) من هدايا المشركين ما علم أنه أهدى له في خاصة نفسه وقيل ما كان خلاف ذلك مما فيه استئلاف المسلمين قال ولا يصح قول من ادعى النسخ قال وحكم الأئمة بعد إجراؤها مجرى مال الكفار من الفئ أو الغنيمة بحسب اختلاف الحال وهذا معنى هدايا العمال غلول أي إذا خصوا بها أنفسهم لأنها لجماعة المسلمين بحكم الفئ والغنيمة [قال القاضي وقيل إنما قبل النبي (صلى الله عليه وسلم) هدايا كفار أهل الكتاب ممن كان على النصرانية كالمقوقس وملوك الشام فلا معارضة بينه وبين قوله (صلى الله عليه وسلم) لا يقبل زبد المشركين وقد أبيح لنا ذبائح أهل الكتاب ومناكحتهم بخلاف المشركين عبدة الأوثان هذا آخر كلام القاضي عياض] وقال أصحابنا متى أخذ القاضي أو العامل هدية محرمة لزمه ردها إلى مهديها فإن لم يعرفه وجب عليه أن يجعلها في بيت المال والله أعلم قوله (ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) على بغلة له بيضاء) [قال العلماء ركوبه (صلى الله عليه وسلم) البغلة في موطن الحرب وعند اشتداد الناس هو النهاية في الشجاعة والثبات
(١١٤)