ولتغربلن غربلة (6) ولتساطن سوطة القدر (7) حتى يعود أسفلكم أعلاكم، وأعلاكم أسفلكم (8) وليسبقن سابقون كانوا قصروا، وليقصرن سابقون كانوا سبقوا (9) والله
(٦) أي لتخلطن أبراركم وأشراركم ثم تنخلن كنخل الدقيق والحنطة ليميز الخبيث من الطيب، يقال: " بلبل الأمير قومه بلبلة وبلبالا ". هيجهم. أوقعهم في الهم. والألسنة: خلطها. والأمتعة فرقها. والآراء: أفسدها. و " تبلبل " مطاوع بلبل، وكل واحد من المعاني يصح إرادته هنا، وإن كان إرادة بعضها - كالاختلاط والتفرقة والافساد - أوضح.
ويقال: " غربل زيد الحنطة غربلة ": نخلها. والشئ: قطعه. فرقه. والقوم قتلهم وطحنهم.
البلد: كشف حال من بها. وغربل في الأرض ": ذهب فيها.
(٧) وفي النهج وكثير من المصادر: " ولتساطن سوط القدر " وهذه الفقرة أيضا في معنى الفقرتين المتقدمتين وتزيد عليهما في إفادة معنى التقلب والثوران أي ولتخلطن كخلط ما في القدر من الأجناس المختلفة عند طحنها وغليان القدر، وضرب ما فيه بالمحراك وآلة الاختلاط، يقال: " ساط زيد القدر - من باب قال - سوطا ": خلطه. قلبه ظهرا لبطن.
(٨) هذا تصريح وتفصيل لما يستفاد من الفقرات المتقدمة، إذ من لوازم الغربال والسوط - أي التقلب - صيرورة الاعلى أسفلا وعكسه.
(٩) وفي المختار: (١٦) من نهج البلاغة: " وليقصرن سباقون كانوا سبقوا " أي وليسبقن ويسار عن إلى مرضاة الله سابقون كانوا قبل ذلك مقصرين في طاعة الله ومرضاته، بطيئين في إجابته متساهلين في امتثال أوامره - كعدي بن حاتم وأمثاله فإنهم تأخروا عن إجابة رسول الله حتى رأوا الناس يدخلون في دين الله أفواجا، ولكنهم استقاموا في نصرة أمير المؤمنين عليه السلام - وليقصرن عن مرضاة الله ويبطئن عن نصرة دين الله من كان قبل ذلك مسارعا إليه مشمرا في إعلائه مجدا في اتساعه، وذلك مثل الزبير وأمثاله، فإنه كان في بدء الاسلام حتى يوم السقيفة مبادرا إلى الخيرات، ومخاصما لأهل الأهواء والبدع، ولكن بعد بيعة أمير المؤمنين عليه السلام أخلد إلى أرض الشهوات فاتبع هواه فصار من المهلكين.