يعملون، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون يحكمون بأحكامه ويسنون سنته ويعتمدون حدوده ويؤدون فرضه ولم يدع الخلق في بهم صما ولا في عمى بكما بل جعل لهم عقولا مازجت شواهدهم وتفرقت في هياكلهم حققها في نفوسهم واستعد لها حواسهم فقرر بها على أسماع ونواظر وأفكار وخواطر ألزمهم بها حجته وأراهم بها محجته وأنطقهم عما تشهد به بألسن ذرية بما قام فيها من قدرته وحكمته وبين عندهم بها ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينه وأن الله لسميع عليم بصير شاهد خبير وأن الله تعالى جمع لكم معشر المؤمنين في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين لا يقوم أحدهما إلا بصاحبه ليكمل لكم عندكم جميل صنعه ويقفكم على طريق رشده ويقفو بكم آثار المستضيئين بنور هدايته ويسلك بكم منهاج قصده ويوفر عليكم هنيئ رفده فجعل الجمعة مجمعا ندب إليه لتطهير ما كان قبله وغسل ما أوقعته مكاسب السوء من مثله إلى مثله وذكرى للمؤمنين تبيان خشية المتقين ووهب لأهل طاعته في الأيام قبله وجعله لا يتم إلا بالايتمار لما أمر به والانتهاء عما نهى عنه والبخوع بطاعته فيما حث عليه وندب إليه ولا يقبل توحيده إلا بالاعتراف لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) بنبوته ولا يقبل دينا إلا بولاية من أمر بولايته ولا ينتظم أسباب طاعته إلا بالتمسك بعصمه وعصم أهل ولايته فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) في يوم الدوح ما بين به عن إراداته في خلصائه وذوي اجتبائه وأمره بالبلاغ وترك الحفل بأهل الزيغ والنفاق وضمن له عصمته منهم وكشف عن خبايا أهل الريب وضمائر أهل الإرتداد ما رمز فيه فعقله المؤمن والمنافق فاعن معن وثبت على الحق ثابت وازدادت جهالة المنافق وحمية المارق وقع العض على النواجد والغمر على السواعد ونطق ناطق ونعق ناعق ونشق ناشق واستمر على مارقته مارق ووقع الإذعان من طائفة باللسان دون حقائق الإيمان ومن طائفة باللسان وصدق الإيمان وأكمل الله دينه وأقر عين نبيه والمؤمنين والمتابعين وكان ما قد شهده بعضكم وبلغ بعضكم وتمت كلمة الله الحسنى على الصابرين ودمر الله ما صنع فرعون وهامان
(٧٢)