الرجال الشاكين السلاح الذين لا يفي الواحد منهم عشرة آلاف من الناس المعهودين ومن الأسود والنمور والأفاعي حتى طبقت تلك الجبال والأرضون والهضبات كل ينادي: يا علي يا وصي رسول الله نحن قد سخرنا الله لك وأمرنا بإجابتك كلما دعوتنا إلى اصطلام كل من سلطتنا عليه فمتى شئت فادعنا نجبك وما شئت فأمرنا به نطعك يا علي يا وصي رسول الله ان لك عند الله من الشأن العظيم ما لو سألت الله أن يصير لك أطراف الأرض وجوانبها هيئة واحدة كصرة كيس لفعل أو يحد لك السماء إلى الأرض لفعل أو يرفع لك الأرض إلى السماء لفعل أو يقلب لك ما في بحارها الإجاج ماء عذبا أو زئبقا أو بانا أو ما شئت من أنواع الأشربة والأدهان لفعل ولو شئت أن يجمد البحار أو يجعل سائر الأرض هي البحار لفعل لا يحزنك تمرد هؤلاء المتمردين وخلاف هؤلاء المخالفين فكأنهم بالدنيا قد انقضت عنهم كأن لم يكونوا فيها وكأنهم بالآخرة إذا وردت عليهم كأن لم يزالوا فيها، يا علي ان الذي أمهلهم مع كفرهم وفسقهم في تمردهم عن طاعتك هو الذي أمهل فرعون ذا الأوتاد ونمرود بن كنعان ومن ادعى الإلهية من ذوي الطغيان وأطغى الطغاة إبليس رأس أهل الضلالات، ما خلقت أنت ولا هم لدار الفناء بل خلقتم لدار البقاء ولكنكم تنتقلون من دار إلى دار ولا حاجة بربك إلى من يسوسهم ويرعاهم ولكنه أراد تشريفك عليهم وإبانتك بالفضل فيهم ولو شاء لهداهم.
قال: فمرضت قلوب القوم لما شاهدوا من ذلك مضافا إلى ما كان من مرض أجسامهم لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال الله عند ذلك: (في قلوبهم مرض) أي قلوب هؤلاء المتمردين الشاكين الناكثين لما أخذت عليهم من بيعة علي (فزادهم الله مرضا) بحيث تاهت له قلوبهم جزاء بما اتيهم من هذه الآيات المعجزات ﴿ولهم عذاب أليم بما﴾ (1) تكذبون محمدا ويكذبون في قلوبهم إنا على البيعة والعهد مقيمون (2).