فلما استبطأ شريك خروج مسلم أخذ عمامته من على رأسه، ووضعها على الأرض ثم وضعها على رأسه فعل ذلك مرارا ونادى بصوت عال يسمع مسلما:
ما الإنتظار بسلمى لا تحيوها * حيوا سليمى وحيوا من يحيها هل شربة عذبة أسقى على ظماء * ولو تلفت وكانت منيتي فيها وإن تخشيت من سلمى مراقبة * فلست تأمن يوما من دواهيها وما زال يكرره وعينه رامقة إلى الخزانة ثم صاح بصوت رفيع: إسقونيها ولو كان فيها حتفي، فالتفت عبيد الله إلى هاني وقال: إن ابن عمك يخلط في علته؟ فقال هاني:
إن شريكا يهجر منذ وقع في علته وأنه يتكلم بما لا يعلم.
فلما ذهب ابن زياد وخرج مسلم قال له شريك: ما منعك منه؟ قال: منعني خلتان: الأولى: حديث علي (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الإيمان قيد الفتك فلا يفتك مؤمن، الثانية: امرأة هاني فإنها تعلقت بي وأقسمت علي بالله أن لا أفعل هذا في دارها وبكت في وجهي، فقال هاني: يا ويلها قتلتني وقتلت نفسها، والذي فرت منه وقعت فيه (1).