من اتقى الله جل وعز وقوى وشبع وروى ورفع عقله عن أهل الدنيا، فبدنه مع أهل الدنيا وقلبه وعقله معاين الآخرة فأطفأ بضوء قلبه ما أبصرت عيناه من حب الدنيا فقذر حرامها وجانب شبهاتها وأضر والله بالحلال الصافي إلا ما لا بد له من كسرة منه يشد بها صلبه وثوب يواري به عورته من أغلظ ما يجد وأخشنه ولم يكن له فيما لا بد له منه ثقة ولا رجاء فوقعت ثقته ورجاؤه على خالق الأشياء فجد واجتهد وأتعب بدنه حتى بدت الأضلاع وغارت العينان فأبدل الله له من ذلك قوة في بدنه وشدة في عقله وما ذخر له في الآخرة أكثر، فأرفض الدنيا فإن حب الدنيا يعمي ويصم ويبكم ويذل الرقاب فتدارك ما بقي من عمرك ولا تقل غدا أو بعد غد فإنما هلك من كان قبلك بإقامتهم على الأماني والتسويف حتى أتاهم أمر الله بغتة وهم غافلون فنقلوا على أعوادهم إلى قبورهم المظلمة الضيقة وقد أسلمهم الأولاد والأهلون فانقطع إلى الله بقلب منيب من رفض الدنيا وعزم ليس فيه انكسار ولا إنخزال، أعننا الله وإياك على طاعته ووفقنا الله وإياك لمرضاته (1).
[9257] 6 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن عبد الله بن مسكان، عن إبراهيم بن شعيب قال:
قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن أبي قد كبر جدا وضعف فنحن نحمله إذا أراد الحاجة فقال: إن استطعت أن تلي ذلك منه فافعل ولقمه بيدك فإنه جنة لك غدا (2).
[9258] 7 - الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة الثمالي قال: قال علي بن الحسين (عليه السلام):
عجبا للمتكبر الفخور الذي كان بالأمس نطفة ثم هو غدا جيفة (3).
الرواية صحيحة الإسناد.