بكظمهم وخلصوا إلى دار قوم جفت أقلامهم لم يبق من أكثرهم خبر ولا أثر قل في الدنيا لبثهم وعجل إلى الآخرة بعثهم فأصبحتم حلولا في ديارهم ضاعنين على آثارهم والمطايا بكم تسير سيرا ما فيه أين ولا تفتير نهاركم بأنفسكم دؤوب وليلكم بأرواحكم ذهوب فأصبحتم تحكمون من حالهم حالا وتحتذون من مسلكهم مثالا فلا تغرنكم الحياة الدنيا فإنما أنتم فيها سفر حلول الموت بكم نزول تنتضل فيكم مناياه وتمضي بأخباركم مطاياه إلى دار الثواب والعقاب والجزاء والحساب.
فرحم الله امرءا راقب ربه وتنكب ذنبه وكابر هواه وكذب مناه امرءا زم نفسه من التقوى بزمام وألجمها من خشية ربها بلجام فقادها إلى الطاعة بزمامها وقدعها عن المعصية بلجامها رافعا إلى المعاد طرفه متوقعا في كل أوان حتفه دائم الفكر طويل السهر عزوفا عن الدنيا سأما كدوحا لآخرته متحافظا امرءا جعل الصبر مطية نجاته والتقوى عدة وفاته ودواء أجوائه فاعتبر وقاس وترك الدنيا والناس يتعلم للتفقه والسداد وقد وقر قلبه ذكر المعاد وطوى مهاده وهجر وساده منتصبا على أطرافه داخلا في أعطافه خاشعا لله عز وجل يراوح بين الوجه والكفين خشوع في السر لربه لدمعة صبيب ولقلبه وجيب شديدة أسباله ترتعد من خوف الله عز وجل أوصاله قد عظمت فيما عند الله رغبته واشتدت منه رهبته راضيا بالكفاف من أمره يظهر دون ما يكتم ويكتفي بأقل مما يعلم أولئك ودائع الله في بلاده المدفوع بهم عن عباده لو أقسم أحدهم على الله جل ذكره لأبره أو دعا على أحد نصره الله يسمع إذا ناجاه ويستجيب له إذا دعاه جعل الله العاقبة للتقوى والجنة لأهلها مأوى دعاؤهم فيها أحسن الدعاء «سبحانك اللهم» دعاؤهم المولى على ما آتاهم «وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين» (1).
[5739] 2 - الصدوق، بإسناده قال: سأل عبد الله بن سنان عن الصادق (عليه السلام) عن قول