أقام الانتظار ذلك من أهل البلدان الرجوع إلى أوطانهم، فأجابوا إلى ما عرض عليهم إلا عليا فإنه قال: أنظر.
وأتاهم أبو طلحة فأخبره عبد الرحمن بما عرض وبإجابة القوم إياه إلا عليا فأقبل أبو طلحة على علي، فقال: يا أبا الحسن إن أبا محمد ثقة لك وللمسلمين فما بالك تخالف وقد عدل الامر عن نفسه فلن يتحمل المأثم لغيره فأحلف علي عبد الرحمن بن عوف أن لا يميل إلى هوى وأن يؤثر الحق وأن يجتهد للأمة، وأن لا يحابي ذا قرابة فحلف له، فقال: إختر مسددا، وكان ذلك في دار المال ويقال في دار المسور بن مخرمة.
ثم إن عبد الرحمن أحلف رجلا رجلا منهم بالايمان المغلظة، وأخذ عليهم المواثيق والعهود أنهم لا يخالفونه إن بايع منهم رجلا وأن يكونوا معه على من يناويه فحلفوا على ذلك، ثم أخذ بيد علي فقال له: " عليك عهد الله وميثاقه إن بايعتك أن لا تحمل بني عبد المطلب على رقاب الناس، ولتسيرن بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحول عنها ولا تقتصر في شئ منها، فقال علي: لا أحمل عهد الله وميثاقه على ما لا أدركه ولا يدركه أحد. من ذا يطيق سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكني أسير من سيرته بما يبلغه الاجتهاد مني، وبما يمكنني وبقدر عملي " فأرسل عبد الرحمن يده ثم أحلف عثمان وأخذ عليه العهود والمواثيق أن لا يحمل بني أمية على رقاب الناس وعلى أن يسير بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر ولا يخالف شيئا من ذلك، فحلف له. فقال علي: قد أعطاك أبو عبد الله الرضا فشأنك فبايعه، ثم إن عبد الرحمن عاد إلى علي فأخذه بيده وعرض عليه أن يحلف بمثل تلك اليمين أن لا يخالف سيرة رسول الله وأبي بكر وعمر، فقال