ولعل أعظم هذه الأخطاء التاريخية التي أفلتت من زمام هؤلاء الباحثين وغم عليهم أمرها فلم يفقهوها ويفطنوا إليها، هذه المفتريات التي افتروها على علماء الشيعة حين لفقوا عليهم قصة " عبد الله بن سبأ " فيما لفقوه من قصص أشرت إلى بعضها في مؤلفاتي (1)، وزعموا أن كل خرافة أو أسطورة أو أكذوبة جاءت من فجر التاريخ الاسلامي، كانت من نسج خيال علماء الشيعة واعتبروها مغمزا يغمزون به عليهم.
وها هو البحاثة الجليل " مرتضى العسكري " يسجل لنا في كتابه " عبد الله بن سبأ " أن هذه الشخصية لم تخرج عن كونها شخصية خرافية وأن ما أورده المؤرخون عنه من حكايات في ترويج التشيع لم يكن أكثر من أكذوبة سجلها الرواة حول هذه الشخصية الوهمية ليحملوا على الشيعة ما شاء لهم أن يحملوا وليغمزوا عليهم ما شاء لهم أن يغمزوا.
لقد جمع هذا البحاثة المقارن تحقيقاته العلمية وأبحاثه الشيقة من متفرقات الكتب ومنشورات الآثار وبطون المصادر، وصال وجال في كل ميدان من ميادين التاريخ الاسلامي حتى وصل إلى هذه الحقيقة ناصعة جلية، وقد حاول الأستاذ المحقق في كل مبحث من مباحثه التي جاء بها في هذا الكتاب أن يقيم الحجة الدامغة على أعداء الشيعة وخصومهم حين استشهد على آرائه العلمية بنصوص ثابتة من أقوال الخصوم أنفسهم، فأقام الحجة عليهم من أقرب طريق.
والمتطلع في هذا الكتاب يستطيع أن يقف في سهولة ويسر على التحقيقات العلمية التي أجراها المؤلف في أحاديث " سيف بن عمر " التي